Monday, March 23, 2009

رؤية شاملة وخطٌ واضح، التزام ومبادئ إنسانية صرفة، تحليل وتفسير ووقائع ومعلومات.


رؤية شاملة وخطٌ واضح، التزام ومبادئ إنسانية صرفة، تحليل وتفسير ووقائع ومعلومات.
إنّه رئيس "منسق شبكة الأمان للدراسات الإسلامية" في لبنان أنيس النقاش،:

- التاريخ عاكس الجنرال عون عام 1990.
- هامش التحرّك السوري عام1991 كان ضيّقاً.
- ميشال المرّ قد يدفع الثمن غالياً لرهاناته الفاشلة.
- العماد عون يتحرّك مبدئياً ويعمل إستراتيجياً.
- ثبات الله تحركّه.
- حربٌ جديدة ستقضي على إسرائيل.
- العماد عون قال لفيلتمن "أريد ضرب حزب الله..."

تشهد المنطقة والعالم وفق المحللّ الإستراتيجي أنيس النقاش إعادة تموضع وحراك كبير نتيجة تعثّر الإستراتجية الأميركية في تحقيق أهدافها فإنتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة يأتي ضمن هذه النتيجة الكارثية التي وقعت فيها الولايات المتحدة الأميريكية. وعندما يفشل الكبير أو الراعي من الطبيعي أن يشعر الصغير بالتيتّم، فمشكلة بعض الأنظمة الإقليمية اليوم أنّها تتخبّط سياسياً لفقدان الموجّه الضابط لسياساتها الخارجية. حسب رأي النقاش الولايات المتحدة الأميريكة في وضع دولي حرج على اكثر من صعيد، فوضعها لا يُحسدْ عليه في أوروبا مع تراجع تمددّ حلف شمال الأطلسي تجاه روسيا وفقدانها القدرة على المناورة مع الحلفاء، مثلاً نشر الصواريخ في أوروبا أصبح دون جدوى والأميركي يحاول تغطية فشله بموقف روسي ضدّ إيران. في منطقتنا الشرق الأوسطي وفق المنطار الأميركي المتعثّر يظهر جليّاً في العراق باعلان إنسحاب قواته، المسألة خاضعة لعامل الوقت ولصالح النفوذين السوري والإيراني. ومع إقفال الروس الطريق على الأميركيين في كازاخستان ومنع الدعم الأميركي لجيشه في أفغانسان يزداد إرباك الجيش الأميركي في المنطقة، والصين مؤخراً هاجمت بعضاً من السفن الأميركية من دون ردّة فعل تذكر.

سألنا النقاش وهل تعثّر الأميركي يعني إنتصاراً للفريق الآخر؟ يقول: "هناك شعور بالإنتصار لدى قوى الممانعة، فالحراك الإقليمي هذه المرّة لا يطال إيران وسوريا فقط بل يتعداه ليطال تركيا والعراق، ومؤتمر الإيكو المنعقد في إيران عملية دفع باتجاه مشاريع إقتصادية إستراتجية وتفاهمات أمنية في المنطقة، العراق يغادره الأميركي والخوف من الفراغ يجعل الدولة الفتية بحاجة الى تأسيس علاقة جيدّة مع جيرانها، فإقتصادياً هناك إنفراج كبير في المنطقة، والمشاريع التي كان ممنوع تنفيذها أصبح بالإمكان السير بها.

العراق خارج السرب الأميركي.
يفسّر المحللّ الإستراتيجي نظرته بالقول: "أكبر نقلة إستراتجية في المنطقة في الأونة الأخيرة هي إنتقال العراق الفتي خارج السرب الأميركي، العراق مع جلال طالباني (الكردي) يتخلّى عن الأميركيين ويتحدث مع الإيرانيين، فهو يشعر أنّ دولته لا يمكنها أن تصمد الاّ بعلاقة جيدة مع إيران، ويعتبر أنّ التهدئة الحقيقية لا تكون الاّ من خلال المصالح المشتركة. في المقابل يلاقي الإيرانيون العراقيين بتفاهمات تطال العشرات من المشاريع لتثبيت الأمن". يوضّح النقاش فكرته: "شيعة العراق تعاونوا مع الأميركيين لكنّهم في الوقت عينه على علاقة جيدّة مع إيران وسوريا، وتركيا رغم التنسيق العسكري بينها وبين الأميركيين تجري لقاءات مؤخراً بينها وبين الإيرانيين، ففي مؤتمر الإيكو في طهران شملت القمّة رؤساء كل من إيران وأفغانستان وأذربيجان وباكستان وتركمنستان وتركيا طاجيكستان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا، بالإضافة إلى وفدين رفيعين وضيفي شرف هما الرئيس العراقي جلال الطالباني وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلى جانب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. هذه الدول بدأت تتحرّك على اساس أنّ المنطقة تشهد إنفراجاً كبيراً بعد الفشل الأميركي، وهم يسعون الى بناء تفاهمات إقتصادية تطال أنابيب الغاز وغيرها من المسائل الحيوية...

إزدهار إقتصادي.
يتابع النقاش حديثه: "للمرّة الأولى منذ عدة عقود المنفعة الإقتصادية تعود لدول المنطقة وشعوبها، ولبنان لن يكون بعيداً عمّا يجري في المنطقة، فالتواصل بين دول المنطقة تجارياً وسياحياً أصبح ممكناً من لبنان وصولاً الى تركيا وإيران والعراق، وهذا ما كان متعثراً، يجب أن ندرك أنّ مدّ أنابيب الغاز من إيران عبر العراق وسوريا وصولاً الى لبنان الى طرابلس، ستستفيد منه شعوب هذه المنطقة أولاً... والخلاف التركي - الإيراني بشأن تصدير الغاز الإيراني الى أوروبا تمّ حلحلته بانشاء شركة مشتركة لإيصال الغاز الى فيينا والى إيطاليا. هناك عشرات ومئات المشاريع التي يُخططّ لها بدء ببناء سكك الحديد مروراً بفتح الاوتوسترادات وصولاً الى بناء معامل الكهرباء والطاقة في العراق بمعونة إيرانية وتمويل تركي.

مقاربة أنيس النقاش الجديدة تهمّ اللبنانيين على اكثر من صعيد، لأنّه لطالما ما إنعكست سلبيات المنطقة عليهم. فالأمور بدأت بالدوران عكس الرياح الأميركية وهناك وعياً إقليمياً لهذا الفشل. إعادة التموضع الأميركي لم يكتمل والمنطقة ذاهبة الى إنفراج كبير. أسى النقاش بادٍ على وجهه، فـ"المناضل العربي أو القومي أو اللبناني" عاجز عن إقناع الإعرابي بحجم هذه التبدّلات لأنّ الخليج العربي ليس على الموجة على الإطلاق، فبدل أن يستثمر أمواله بمشاريه مفيدة للمنطقة نراه يبذّر أمواله في طواحين البورصات الغربية وأزماتها الإقتصادية، يقول النقاش بثقة العارف "للأسف تركمستان أكثر إستقلالية من السعودية". يضيف: "دولة مثل تركيا ترفض ربط مصيرها القومي بالقرار الأميركي، لأنّ مصلحتها القومية ليست للمساومة، وتركيا الأطلسية منعت القوات الأميركية الدخول من أراضيها الى العراق، لأنّ المعيار الأساسي للتعامل بين الدول يقف عند حدّ المصالح المشتركة. مثلاً الحرب في العراق وعلى العراق لم ترى تركيا الحرب الأميركية لصالحها لأنّه يؤثر على أكرادها في الإقليم، فتركيا سواء كانت إسلامية أم علمانية لا تفرّط بأمنها القومي بعكس دولة مصر العزيزة مع الرئيس حسني مبارك الذي يبدو أنّ اولى اولوياته ليس الحفاظ على الأمن القومي المصري بل على أمن نظام حكمه فكلّ همّه منصّب لتوريث نجله الحكم. سألنا انيس هل الأمر يتعلّق بحركية المجتمع التركي الديمقراطية وتعثّرها لدى المجتمع المصري؟ يقول: "لنفترض أنّ الديمقراطية التركية هي الأساس، فالباكستان رغم ديمقراطيتها الهشّة لم يمنع جيشها الذي يمتلك عقيدة واضحة من إدراك أنّ مجتمعه يتألف من قبائل وعشائر ومجموعات، وبالتالي لا يجب اللعب بعمقه الإستراتيجي، فالباشتون الذين يمثلون الطالبان بشكلٍ كبير، يتوزعون في الدولتين معاً، فأيّ تصرّف باكستاني على شاكلة التصرّف المصري يعني أنّ الباكستان فرطَ عقدها، من هنا نفهم دعم الجيش الحزب الحاكم في باكستان لطالبان في السرّ. لأنّ التخلي عنهم يعني فرط دولته نهائياً. فأولوية تحرّك الباكستان هي للتعامل مع الباشتون وليس مع الأوزبك أو الهزارى، لأنّه سيصبح معرضاً وهشاً، بخلاف الدول العربية التي تلعب بأمن قومها شرط الحفاظ على إستقرارها وهذا الأمر في قمةّ الغباء، ففي حرب غزة كان بامكان مصر إستيعاب حركة حماس، لكن تصرّفها اللامبالي لقضية فلسطين ودارفور يضعانها في مهبّ الريح، قضية دارفور مثلاً قد تقسّم السودان الى ثلاث دول وبالتالي قد ينقطع أو يحدّ من جريان الماء لنهر النيل، لكنّ كما يقول المفكّر المصري محمد حسنين هيكل "شيء في أعلى الرأس تعطّل" ما يهمّ مصر مع الرئيس مبارك هو مسألة الملف النووي.

نتائج الحرب العالمية الثانية ولّت.
أنيس النقاش الذي يعاين المشهد العالمي بمقاربة جديدة يؤكد أنّه بعد الفشل الإسرائيلي في حربيه على لبنان وغزة، أنّ النظام الدولي سيتغيّر، وبالتالي التوازن الجديد سيفرز بناءً جديداً للمنظومة الدولية ومجلس الأمن لن يبقى على حاله، فقوانين الأمم المتحدة ستصبح أقوى من قرارات مجلس الأمن نسبياً، ودور الدول الإقليمية سيتعاظم دورها أكثر فأكثر على حساب الدور الأميركي المتراجع، "ببساطة نتائج الحرب العالمية الثانية إنتهت مفاعيلها، لأنّ نتائج الحرب العالمية الثالثة أو الرابعة إنتهت دون تحقيق أهدافها، هناك اثمان سيدفعها الأميركي للهند والبرازيل وإيران وغيرها من الدول، فصحيح انّ النظام الجديد لم يتشكّل بعد لكن ما هو مؤكد أنّ الصورة الحالية لمجلس الأمن لن تبقى على حاله".

Lina’s
الـ"tayyar.org" عندما أجرى الإتصال مع السيّد نقاش لترتيب اللقاء ظنّ أنّ الحوار سيكون في ضاحية بيروت الجنوبية فأنيس كان من الأصدقاء القلائل للشهيد عماد مغنية، وبالتالي نضالاته التي بدأت منذ السبعينات رغم بعدها عن الزواريب الطائفية لا تجعله بمأمن من الموساد الإسرائيلي على الإطلاق. فبادرناه الى السؤال قبل بدء الحوار "للوهلة الأولى ظننت نفسي اكلّم اليساري السابق نصير الأسعد لا انيس النقاش؟ يردّ: "تحرّكي النضالي ببعده الإنساني واللبناني والقومي جعلني أشبك علاقات وثيقة مع مختلف الأحزاب والأطياف اللبنانيةً، قد اكون معرضّاً لأي عملٍ إنتقامي لكني بكلّ بساطة أسير دون أخذ المحاذير ورئتي يتنفسان بشكل سليم والأهم من كلّ هذا "عقلي شغّال".

إذاً لقاؤنا مع المحللّ الإستراتيجي النقاش جرى في الـ"Lina’s" الحمرا ذو العمق السنيّ، يقول: "الخلاف السياسي في لبنان ليس محلياً، وما تراه من إعادة تموضع مصري وسعودي مع سوريا هو إنعكاس للفشل الأميركي، قد يحاولون إستمالة سوريا ضدّ إيران لكنّ الأمر سيفشل، وفي نهاية المطاف سيتعاونون مع إيران أيضاً، السوري يلاقي مصر والسعودية ليس بهدف التباعد مع إيران بل لأخذ مصر والسعودية الى إيران، والانظمة التي ستبقى على مقارباتها السابقة ستسقط قريباً. بعض الأحزاب اللبنانية التي هي على علاقة وثيقة مع بعض الأنطمة العربية تصرفّت وفق قواعد المقاربة الأميركية التي كان يتوقّع لها النجاح، لكن مع تعثّر ضرب النظام السوري أو توجيه ضربة لإيران، هناك تفككاً في جبهة فريق الموالاة فسمير جعجع بوجهه العربي الجديد ينفتح على الكويت وقطر، فلا تتعجّب كثيراً إن رايته يرتدي الـ"عغال العربي"... أعتقد أنّ إيران إن وجهّت دعوة لجعجع للذهاب اليها لا يمانع على الإطلاق. أمّا جنبلاط فهو بانتظار توجيهها فقط، فالأخير يتلمّس ما يجري جيداً ويتصرّف على اساس أنّ الباخرة متعثرة، فهو يريد رمي الأمور التي لا تفيده بشيء واوّل ما يريد رميه هما القوات اللبنانية وحزب الكتائب، فهو لا يريد إدخال أحداً منهما في لوائحه، وهذا القرار إتخّذ منذ فترة لا تقلّ عن ستة اشهر، لأنّه يعرف جيداً انّ إعادة التموضع الجنبلاطي يكون بتخفيف الحمولة". جين – جين بحسب النقاش اي جعجع – جنبلاط يقرآن جيداً هذه المعطيات، فالأول برأيه قارئ سياسي جيّد لكن عدّة الإنتخابات لمواجهة العماد ميشال عون لها وقعها".

على جبهة سعد الحريري هناك قرار سعودي إتخّذ الاّ يكون الأخير هو وكيلها الحصري في لبنان، السعودية أصبحت في إتجاه إكثار وكلائها وهي تريد التعاون مع أكثر من وكيل وتريد إحياء البيوتات السنية القديمة. سعد الحريري إحداهم، وهو من صنعها كما تقول السعودية نفسها، وبالتالي السعوديين من يتحكّم باكبار حجمه أو إصغاره، الرهان عليه فقط أمر فاشل وهذا القرار السعودي الجديد سينعكس حتماً على الإنتخابات النيابية.

أمّا حول التأزم المسيحي – المسيحي المستمّر يقول النقاش: إنّها وصية فيلتمن فقبل مغادرته لبنان قال لازلامه: العماد عون "خربط" المشروع الأميركي، وبالتالي المطلوب الثأر معنوياً لمقولة فيلتمن. عملانياً يدرك الأميركي أنّ هامش تحركّهم لن يُجدي الاّ داخل الساحة المسيحية، من هنا يُفهم هذا التركيز على مناطق الجنرال باغداق الأموال على الناخبين، أو بجلب المغتربين". فالنقّاش لا يعير أهمية كبرى لهذا التصرّف لأنّ برأيه العماد عون مرتاح على وضعه، وفي نهاية المطاف المنطقة متجهّة الى إنفراجٍ جديد. وما يُحكى من تخوّف لتراجع اسهم سوليدير وغير ذلك في حال إنتقلت الأكثرية النيابية الى المعارضة ليس هو الاّ كلام سياسي في طواحين التغيرات الإقليمية، "طبعاً سيحزن سعد الحريري بفقدانه الأكثرية النيابية لكنّ هناك أناس آخرين سيملأون فراغ تراجعه، والأمور ستسير على ما يرام. وبانتظار يوم الإنتخابات قد يخلق الله ما لا نعلمه او ندركه، ونحن علينا ملاقاة الدول الإقليمية المتعثرة لإجراء التغييرات الجذرية في سياساتها.

عماد مغنية وتاريخ جبل عامل.
صديق الشهيد عماد مغنية يكشف لموقعنا الإلكتروني بعضاً من جانب شخصية الشهيد عماد مغنية يقول: "الحاج رضوان رغم عمله الدؤوب لمواجهة إسرائيل فكرياً وعقائدياً وعسكرياً، يبقى أساس تحركّه لبنان. فابن الجنوب (طيردبا) يعرف تاريخه جيداً، فمن سلالة مغنية علماء دين أخبروه عن تاريخ جبل عامل، فكان يدرك معاناة اللبنانيين من دولة إسرائيل، وكان يدرك أنّ لبنان بتركيبته المجتمعية هو النقيض الأساسي للتفكير الصهيوني ولدولة إسرائيل، مثلاً السعودية لا يمكنها فهم هذا الأمر على الإطلاق لأنّه في المملكة العربية السعودية هناك تجانساً بشرياً متكامل امّا بالنسبة للبنان المتنوّع، فاي نظام عنصري على تخوم أراضيه يعني فقدانه المناعة الداخلية وبالتالي مصلحة لبنان تكون بانجاح النقيض الأساسي للصهيونية العالمية.

أنيس النقاش الذي دعم فلسطين والفلسطينيين قبل الدخول الإسرائيلي الى لبنان أوقف دعمه لهم لأن كما يقول اولويتي لبنان، "تحركّي الإنساني لا يعني نسيان محيطي واهلي وأرضي" يقول بفخر العالِمْ: "معظم قادة المقاومة في حزب الله تدربّت من خلالي عامي 1978 و1979".

"غير المتوقّع" مع الجنرال وقع.
سألنا النقاش عن رؤيته للتيار الوطني الحرّ وحركية العماد عون قبل تفاهم التيار الوطني الحرّ مع حزب الله، فهل كان يخشى أن يكون الجنرال آداةً لتحرّك الشطرنج القوى الإقليمية، لأنّه كما يُقال التاريخ بتجاربه القاسية لا ترحم اصحاب النوايا الحسنة؟ يجيب النقاش: "خرجت من السجن الفرنسي عام 1991 بعد نفي العماد من لبنان، متابعاتي لحركيته كانت مقتصرة على بعض المجلات، وفي حقيقة الأمر التيار الوطني الحرّ وحزب الله تبدلان كثيراً، الجنرال عاكسه التاريخ والصدفة". العماد عون اثبت عكس إدعاء أحد السياسيين الذي وصفه بأنه "لا يقرأ السياسة جيداً وهو جامد". فكان جوابي لهذا السياسي: حسابات الدول عاكست الجنرال عام 1990، هذا الرجل يتصرّف وفق حسابات دقيقة، من كان يظنّ انّ الرئيس العراقي صدام حسين قد يطيح بالستاتيكو القائم، فالجنرال كان يدرك أنّه لا يجب اللعب بالأمن السوري من خلال لبنان وكان يريد التعاون مع السوريين من دون التفريط بسيادة لبنان. الجنرال عون يتقن السياسة والإستراتيجيا والتاريخ والجغرافيا، لكن في حقيقة الأمر الـ"غير المتوقّع" وقع، وسوريا كان عليها أن تختار بين المسار العملاني وبين المسار التفاهمي، فالتفاهم مع فرد داخل وطن منقسم لم يكن لينقذ سوريا من ضغوطاتها الإقليمية.

سألنا النقاش لكن اليست تصرفات الجنرال وحركيته أيضاً مبدئية؟ أجاب: بالفعل هي كذلك، لكن الى جانب مبدئيته الرجل يتقن القراءات الإستراتيجية والدليل على ذلك رهانه على المقاومة اللبنانية في حربي تموز وغزة، إنتصاره في الإستراتيجيا الكبيرة يثبّته ويرسّخ تياره أكثر فأكثر، العماد عون بقوله أثناء حرب غزة قال: المقاومة الفلسطينية ستنتصر على إسرائيل لأنّ الآلة الإسرائيلية لن تقوى على ضرب إرادة الشعب الفلسطيني، هذا الموقف المبدئي ليس إنتهازياً على الإطلاق، العماد عون يتحرّك مبدئياً وإستراتيجياً وحساباته هي بالتوفيق بين الإثنين معاً. العماد عون هادئ جداً ولا يعير اهمية لحرتقات المرّ مثلاً، فالأخير قد يدفع ثمنها غالياً، العماد عون يتحرّك على مستوى عالٍ، وبنهاية المطاف الملايين التي تُصرف هنا أو هناك ضدّ تياره اشبه بدواليب الهواء التي لن تنتج طاقة كهربائية إنتخابية... يتابع النقاش حديثه: القوة الوحيدة القادرة على بناء وطن جيّد وبادارة نظيفة هو السير وفق معايير عقلية الجنرال، هذا الرجل الذي يحبّ وطنه بانفتاح أثبت انّه على نقيض مع كلّ عقليات الإقطاع السياسي، نحن بأمسّ الحاجة لأمثاله لنبعد الشرّ عن وطننا.

ممازحة بجدية: "سأكسّرك إن متّ".
يخبرنا النقاش انّ بداية عمله السياسي الميداني كان تمرداً على الظلم، فمجرّد سماعه أنّ رجال مكتب التفتيش الثاني (المخابرات) تعرضّت لأحدى النسوة الفلسطينيات جعلته يتوجّه الى مخيّم صبرا وشاتيلا لا الى المنزل بعد إنتهاء يومه الدراسي، فكانت ملاقاة أمه الخائفة على إبنها سؤال: حالتك مذرية بنيّ كالفلسطينيين"... هكذا بالفعل يظهر انيس النقّاش خاصيتة "الجمع بدل القسمة"، فالإسلاميون بحسب رأيه كما اليساريين والعلمانيين أو المسيحيين يشكلون عنده بعداً إنسانياً واحداً. يُكمل النقاش إستطراده: "القصص الحزينة جميلة في آنٍ. بعد مرور أربع سنوات على تلك الحادثة، التقيت بتلك السيدة الفلسطينية التي تدعى "أم علي" كانت توصيني بعدم الموت وكانت تمازحه "ساكسرّك إن متّ؟ يضحك النقّاش"...
عمله للقضية الفلسطينية لم يكن لدواعي قومية أو دينية، بل مبدئية، هؤلاء الناس تمّ إقتلاعهم من ارضهم زوراً، يجب دعمهم، امّا توحيد الأقطار العربية أو ماشابه المسألة مختلفة يجب دراسة الموضوع من منطلق المصلحة الذاتية لشعبنا... يقول أنيس: "العقيدة عندي ممارسة وعمل، كنْ ما شئت يسارياً مسلماً أو مسيحياً، الفلاسقة أو القادة لا تستهويني، الحقيقة لا يمكن حصرها، الكون بالنسبة لي متحرّك، والإنسان ضمن تجربته أيضاً متحرّك، الثابت الوحيد عندي هو الله. هناك آية قرآنية تقول بما معناه أنّ لله مع كلّ يوم شأنٌ... فإذا كان الله يتغيّر فمن الطبيعي أنّ الإنسان أيضاً يتغيّر، الله يقول عن نفسه "أنا مع كلّ طلة صباح أخلق أمراً جديداً، ونعني بها آيات الله، يعني انّ الإنسان يطلع على اموراً جديدة، فمن يحقّ له إقفال المواضيع او حبسها او إدعاء الحقيقة المطلقة". الله ليس كمثله شيء لأنّه يتفرّد بالآحادية فهو "الأول والآخر الظاهر والباطن". وكما يقول الإمام علي: "الأول لا ثاني بعده، وآخر لا شيء قبله". فأين تولوا وجوهكم يسمّى وجه الله، فمن يحصر الله في السماء يخطئ كثيراً، هذه هي الحقيقة الوحيدة برأيي التي لا تتغيّر. وهذه الحقائق برأيي موجودة في كلّ الكتب المقدسة "هناك تعابير كثيرة يمكن اخذها من الإنجيل ويمكن وضعها في القرآن ولا مشكلة حولها... وكذلك الأمر بالنسبة للبوذيين أو اليهود بعكس الرؤية الصهيونية التي تصادر الله لها فقط"...

حزب الله مستعدّ.
سألنا انيس في حرب غزة قلت على شاشة الـ"OTV": "نتائج الحرب أهم من نتائج حرب لبنان وإستمرارها لن يدوم أكثر من حرب تموز الى ما إستندت بقولك هذا؟ يقول: "رغم الحصار الكبير الإنسان يصنع المعجزات في مقاومته للظلم وهذا ما ينطبق على الفلسطينيين، صناعة الاسلحة عندهم بمعظمها محلي، واسرائيل تُدرك ذلك جليّاً، لكن تكبرها سيضربها، امّا إمكانات لبنان العسكرية فقد فاقت كثيراً ما كانت عليه أيام حرب تموز". وبالمناسبة اؤكد لكم ما قلته في التاسع من شباط 2009 لجريدة السفير "حرب غزة تتوسط حربين: الأولى جرت وهي حرب تموز والثانية ستكون النهائية للكيان إسرائيل".

ماذا قال الجنرال لفيلتمن؟
بخلاف عام 1976 لم ينعم لبنان بقيادات من وزن الجنرال، يقول أنيس: "لبنان عند كلّ مفترق إقليمي يشتعل مع تغيير الستاتيكو في المنطقة وهذا الأمر لا يجوز الإستمرار به، الحل يكون من خلال حمل رسالته بشكل جيّد، لأنّ الرسالة التي حملها زعماؤنا التقليديين كانت دائماً على حسابنا، رسالة لبنان الحقيقية هي الحفاظ على تنوعّه وبالتالي الوجود البشري يحتاج الى هذا التنوّع ولا يستطيع قيام سلم في العالم الا بقبول هذا التنوّع والحوار، في حينها يتحوّل لبنان من مستورد ازمات الى مصدّر حلّ لهذه الأزمات. وللسير في هذه الطريق حسب النقّاش يجب القضاء على الطائفية السياسية ليتسنّى للأفضل الحكم. "تصوّر ماذا قال الجنرال لفيلتمن؟ لننسى العماد عون المبدئي ولنعتبره إنتهازياً كوليد جنبلاط قال: "أريد السير بما تقولونه، أريد ضرب حزب الله، كيف نضربه؟ بالفعل حكمة الجنرال كانت تدري انّ الأميركيين يريدون إشعال حرب أهلية في لبنان... فيلتمن كان يريد من التيار إدخال لبنان في حرب اهلية فقط، ففيلتمن لا يهمّه على الإطلاق شأن الشيعي أو السنّي أو المسيحي...

الحديث مع أنيس النقاش طال وتشعّب، فحاضر الإنسان تطورٌ البارحة يقول: "أيام كنّا متحمسون مع منظمة فتح كنا نريد مواجهة السوري عسكرياً، ولم ندرك الأمور بكليتها، أثناء قيامي بإحدى المحاضرات في سوريا في قرية مسيحية مجاورة لمدينة حماه، لحظت تواجد السنّة الى جانبهم كما العلويين والإسماعيليين وغيرهم، الساحل السوري متنوّع لدرجة لا يسمح للنظام بالعبث بهذا التنوّع، خيار لبنان كما سوريا إمّا السير بركب الفكر الصهيوني لأجل حماسة مذهبية هنا أو هناك أو مواجهته.

عرب إيران يوازون عرب الخليج.
يضيف النقاش: "يجب الحفاظ على هوية جامعة تجمع التنوّع، وهنا يكمن أهمية لبنان، فبدل تصديره كهرباء صدامية وأزمات بامكان لبنان توليد طاقة إيجابية. وللأسف مقاربة العرب مع إيران ليست سليمة، تصوّر أنّ مهاجمة بعض العرب لإيران فقط محض انها عجمية! إيران لديها خمس وزراء عرب داخل حكومتها ومن بينهم وزير الدفاع... إيران اشبه بامبرطورية تملك ستة قوميات ففي كردستان مثلاً يتحدثون الكردية لكنهم يعرفون الفارسية وفي اذربيجان يتحدثون التركية لكنّهم يجيدون الفارسية فالقومية الإيرانية قومية إمبرطورية ووعيها لذاتها جمعٌ للقوميات لا تفريقهم، بينما وعي القومية العربية على خلاف ذلك فهي تقسّم الناس بين عرب وغير عرب... وهذه الفكرة لن تستمرّ لأنّ البديل يجب ان يكون وعياً إيجابياً لينضمّ غير العربي الى العربي برسالة جيدّة...